«قرار جديد» العدالة الانتقالية في دمشق هل تنجح الهيئة المنشأة حديثًا

أعلنت دمشق عن خطوة جديدة نحو تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، حيث صدر مرسوم بتشكيل “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية” برئاسة أحمد الشرع، في محاولة لمعالجة آثار النزاع الطويل والانتهاكات الواسعة التي شهدتها البلاد، وقد تم التأكيد على أن هذه الهيئة ستكون بمثابة ركيزة لتحقيق العدالة الانتقالية وضمان حقوق الضحايا.

العدالة الانتقالية ومبادئها في سوريا

بموجب الدستور السوري، تسعى الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية إلى كشف الحقيقة المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة التي وقعت على مدار السنوات السابقة، مع التركيز على محاسبة المسؤولين عن الجرائم بالتنسيق مع الجهات المختصة، كما تهدف إلى تعويض الضحايا وجبر الأضرار التي لحقت بهم، وتتبع مبادئ المصالحة المجتمعية وعدم إفلات الجناة من العقاب لتحقيق الاستقرار المجتمعي.

إضافةً لذلك، تضع الهيئة ضمن مسارها ضرورة محاكمة مرتكبي الجرائم من قبل محاكم مدنية ذات نزاهة وشفافية لضمان إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمجتمع، وهو ما تطالب به المنظمات الحقوقية داخل وخارج سوريا لضمان أن العدالة ليست مجرد صيغة شكلية، بل أداة فاعلة لمعالجة الجروح الاجتماعية العميقة والتحديات الأمنية.

دعوات المنظمات الحقوقية لتحقيق العدالة الانتقالية

تتزامن هذه الخطوة مع الضغوط المتزايدة التي مارستها مؤسسات دولية، مثل منظمة العفو الدولية، التي دعت مرارًا إلى تطبيق خطوات ملموسة في مجال العدالة الانتقالية، منها كشف مصير المفقودين ومعالجة قضايا التعويضات وضمان محاكمة المسؤولين، كما أشارت العفو الدولية إلى ضرورة اتخاذ تدابير فعالة لردع وقوع جرائم مماثلة مستقبلاً، مستشهدة بحوادث مروعة أخيرة وقعت في الساحل السوري.

كذلك أكدت المنظمة على أهمية دمج عائلات المختفين قسرًا في اللجنة الوطنية السابقة لتحديد مصير المفقودين، حيث لم تُحقق اللجنة نتائج ملموسة منذ تشكيلها قبل نحو خمسة أشهر؛ ووفق تقارير نشرتها جمعيات الضحايا، فإن هناك شعورًا متزايدًا بالاستياء نتيجة تأخر هذه العمليات، ما يهدد المساعي الجادة لتحقيق المصالحة الشاملة.

التحديات أمام لجنة تقصي الحقائق

اللجنة التي شكلت مؤخراً لتوثيق الأحداث والانتهاكات الساحلية لم تقدم حتى اللحظة تقارير أو نتائج واضحة حول ما توصلت إليه حول مجازر ارتكبت خلال النزاع، وهو ما يثير تساؤلات دولية حول مدى جدية السلطات السورية في التزامها بمبدأ العدالة الانتقالية الذي أُعلن عنه رسميًا، وما إذا كانت هذه الجهود ستتبعها خطوات تنفيذية تعزز من نجاح مشروع المصالحة الوطنية.

أهمية العدالة الانتقالية لبناء المستقبل السوري

تبقى العدالة الانتقالية جزءًا محوريًا من أي عملية إصلاح سياسي أو اجتماعي في سوريا، فهي تسهم في التصدي لجذور النزاع ومعالجة القضايا المتراكمة، كما تلعب هذه الجهود دورًا محوريًا في استقرار المجتمع ومنع عودة العنف أو الاعتداءات، إذ تعكس المحاسبة العادلة رسالة واضحة إلى المواطنين والمجتمع الدولي حول الالتزام ببناء دولة جديدة ترتكز على القانون والحقوق.