«تحولات مفاجئة» الثبات على المواقف يغير مواقف السياسيين الأمريكيين

تعد قضية الثبات على المواقف أداة محورية يمكن من خلالها تعديل السياسات الأمريكية في المنطقة، فالمواقف الأمريكية أثبتت مرارًا أنها قابلة للتغيير، حيث نجد تناقضًا واضحًا في تعامل أمريكا مع الملفات الكبرى كإيران، جماعة أنصار الله، والقضية الفلسطينية. المواقف الأمريكية هي نتيجة لمعادلات سياسية واقتصادية واستراتيجية قد تتبدل وفق المعطيات على الأرض، مما يوحي بضرورة امتلاك أدوات ردع فعالة لإجبار الساسة الأمريكيين على تغيير مواقفهم بما يتلاءم مع المصالح الإقليمية والدولية.

الثبات على المواقف وتأثيره في تعديل السياسة الأمريكية

أثبت الواقع أن لدى دول مثل إيران وجماعة أنصار الله القدرة على فرض نفوذها من خلال الثبات على مواقف قوية، وهو ما اضطر الولايات المتحدة إلى التراجع عن سياساتها التصعيدية في كثير من الملفات، فعلى سبيل المثال، الموقف الأمريكي من البرنامج النووي الإيراني تغير من التلويح بالضربة العسكرية إلى تبني نهج المفاوضات والتسويات، وهذا التغير لم يأتِ من فراغ بل بسبب استراتيجيات الردع التي انتهجتها إيران، مثل قدرتها على إغلاق الممرات البحرية وتفعيل نفوذها الإقليمي.

ملفات إقليمية غيرت فيها الثبات على المواقف مجرى السياسة الأمريكية

الملف الأول هو القضية الإيرانية، حيث تأرجحت السياسة الأمريكية بين الضغوط القصوى والمفاوضات لتجنب أي تصعيد قد يضر بالاقتصاد العالمي، كما أن جماعة أنصار الله في اليمن قدمت نموذجًا آخر على أهمية الثبات في إرغام أمريكا على تعديل سياساتها، فقد استطاع اليمنيون إدخال الجيش الأمريكي وحلفائه في مأزق استراتيجي مهدد هيبتهم العسكرية، مما دفع أمريكا للانسحاب من حروب غير مجدية دون تحقيق أهدافها.

  • تغيير خطاب الرئيس الأمريكي ترامب تجاه إيران في أكثر من مناسبة، وتوجهه للمفاوضات عوضًا عن التصعيد العسكري
  • الانسحاب العسكري الأمريكي من ملفات كاليمن بعدما وجدت نفسها أمام حرب استنزفت مواردها دون تحقيق مكاسب
  • التحول الكبير في العلاقة مع حركات المقاومة الفلسطينية، وبدء مفاوضات حول الملفات الإنسانية دون تغيير تصنيفها كمنظمات غير شرعية

تأثير الثبات على ملف التطبيع والعلاقة مع حماس

يُظهر الملف الفلسطيني كيف يمكن لاستخدام أدوات الضغط الاستراتيجي أن يغير المواقف الأمريكية، فرغم أن أمريكا تستمر في دعم إسرائيل قانونيًا وسياسيًا، إلا أن القضايا الإنسانية ونشاط المقاومة أجبرت المجتمع الدولي على النظر بجدية لبعض الملفات، مثل فتح المعابر والإفراج عن الأسرى، هذه الملفات شهدت ضغوطًا واضحة أضعفت قدرة إسرائيل على فرض شروطها المطلقة، أمريكا التي كانت تتجاهل حركة حماس في السابق باتت تُدير لقاءات عبر وسطاء مع قادة الحركة في قطر، مما يعكس تغيرًا تدريجيًا تحت ضغط ثابت.

لماذا يعد الثبات أداة فعالة لتعديل الساسة الأمريكيين؟

الثبات على المواقف يُضعف من تأثير الابتزاز الأمريكي ويحول التهديدات إلى أوراق ضغط لصالح الأطراف الفاعلة، كما أن السياسات الأمريكية رهن بضغوط المصالح لا المبادئ، ونجاح اليمن في توجيه صواريخ إلى عمق إسرائيل وتعطيل المطارات يُعد نموذجًا على كيفية فرض الشروط من خلال خلق معادلات ميدانية جديدة تستنزف قدرة الخصم وتضعه أمام خيارات صعبة. هذا ما يبرز أهمية الإدارة الأمثل للأوضاع الميدانية والسياسية بشكل متزامن لفرض المواقف ودفع الساسة الأمريكيين إلى إعادة النظر في سياساتهم وفقًا لتوازن القوى المتغير.