«ترامب يعيد» شطرنج الشرق الأوسط كيف يتغير شكل المنطقة عبر الخليج وسوريا

تمثل التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وخاصة في ظل التقلبات الراهنة، خارطة جديدة للتحالفات الدولية واستراتيجيات النفوذ، حيث إن الأحداث الأخيرة، بما في ذلك زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لدول الخليج، تظهر ارتباطًا وثيقًا بين القوى العالمية والقضايا الإقليمية، تلك الزيارة التي تضمنت وعودًا بضخ مليارات الدولارات تعكس محاور جديدة للتعاون والتنافس في المنطقة، وهي ليست مجرد اتفاقيات اقتصادية بل أدوات لتعزيز السيطرة الدولية.

دونالد ترامب وإعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط

اعتبر عدد من المحللين أن دونالد ترامب يسعى منذ ولايته الأولى إلى إعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الأمريكية والغربية، حيث يتجلى ذلك في دعمه لإحداث تغييرات في النظام السوري عبر استبدال بشار الأسد بأحمد الشرع، الرئيس الجديد الموالي للغرب، وهذا وفقًا لرؤية الخبير الاقتصادي بلال شعيب الذي أوضح أن هذه الخطوة تسعى إلى تعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة، مستغلةً الموقع الاستراتيجي لسوريا بالقرب من النزاعات في غزة.
وفي ضوء ذلك، تمهد الولايات المتحدة بتوسيع وجودها العسكري في سوريا من خلال إقامة قواعد جديدة تعزز استراتيجياتها، إضافة إلى دعم محاولات إضعاف الحركات السياسية الفلسطينية مثل حماس، وهو ما برز بوضوح بعد رفض مصر استقبال موجات تهجير كانت قد تهدف إلى تسوية تلك القضايا داخل سيناء، مما جعل الأنظار تتجه إلى سوريا كبديل محتمل.

أهداف اقتصادية وراء استثمارات دول الخليج

من ناحية أخرى تناول شعيب البعد الاقتصادي لتلك التحولات، مشيرًا إلى أن ضخ الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة يعود بفوائد متبادلة؛ حيث يعزز السوق الأمريكي في مقابل تأمين الحماية من النفوذ الإيراني المتصاعد، الدول النفطية الخليجية تعتمد على الدعم الأمريكي في مواجهة المشروعات التوسعية لإيران، بينما ترامب مستفيد اقتصاديًا من هذه التدفقات المالية التي تعتبر شكلاً من أشكال الإتاوات التي تقدمها الدول الغنية مقابل الحماية.
كما ترتبط هذه الاستثمارات بزيادة الطلب على النفط نتيجة دعوة ترامب للشركات بالتصنيع داخل الولايات المتحدة، وهو ما يتطلب تأمين الموارد النفطية بشكل مباشر من خلال التواجد الميداني في سوريا ومنطقة الخليج ذات الثروات الهائلة، مما يعطي الاقتصاد الأمريكي زخمًا جديدًا في مواجهة الأزمات العالمية.

تداعيات التوسع الأمريكي في سوريا

خلال حديثه، أكد شعيب أن الوضع الراهن يشبه لعبة شطرنج بين الولايات المتحدة وروسيا، مع وجود مصالح متضاربة بين الطرفين، بينما تسعى أمريكا لزيادة قدراتها التجارية والنفطية من خلال استثمار الوضع في سوريا، فإنها تعمل في الوقت ذاته على تحجيم النفوذ الروسي والصيني المتزايد، هذه الخطط تضم تسهيلات لتوطين اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في مناطق آمنة داخل بلد واحد.
يرى الخبير أن هذه التحركات تفسر كجزء من تغيير شامل يتمحور حول إحكام السيطرة على الشرق الأوسط اقتصاديًا وعسكريًا، مع تحويله إلى نقطة انطلاق لخدمة الأهداف الاستراتيجية الأمريكية الضيقة، يخسر العرب على المدى الطويل من استنزاف الثروات والموارد التي يجب أن تُوظف في تعزيز السوق الاقتصادي العربي المشترك المتمثل في استغلال العوامل الطبيعية والبشرية.

موقع سوريا في الاستراتيجية الأمريكية

تُعد سوريا نقطة محورية على خريطة الأهداف العسكرية الأمريكية، فهي ليست مجرد دولة تمر بأزمة داخلية بل تُصنف مركزًا استراتيجيًا نظرًا لقربها من منطقة الخليج الغنية بالنفط والنزاعات الطويلة الأمد في فلسطين، بالإضافة إلى أن ترامب وضع نصب عينيه تحقيق مكاسب اقتصادية بتوسيع الوجود الأمريكي في المنطقة لدعم شركاته وتحقيق تقدم سياسي واقتصادي للدولة الأمريكية، في الوقت نفسه، المصلحة الأكبر للحليف السعودي تكمن في صد التهديدات الإيرانية من خلال تعزيز الوجود الأمريكي داخل حدود المنطقة.