«تراجع كبير» في أسعار الذهب وسط انحسار التوترات وترقب بيانات التضخم

شهدت أسعار الذهب تراجعاً ملحوظاً اليوم الأربعاء، متأثرة بانخفاض الطلب على أصول الملاذ الآمن بسبب تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، كما يترقب المتداولون صدور بيانات جديدة بشأن التضخم لمعرفة اتجاهات السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي، مما ترك أثراً واضحاً على أسواق المعادن النفيسة بشكل عام.

تراجع أسعار الذهب وتأثير البيانات الاقتصادية

أسعار الذهب انخفضت في المعاملات الفورية بنسبة 0.7% لتسجل 3224.50 دولاراً للأونصة، في حين تراجعت العقود الآجلة بنسبة 0.6% لتبلغ 3227.90 دولاراً، وفقًا لبيانات اقتصادية حديثة. يأتي هذا التراجع بالتزامن مع تصريحات الرئيس الأمريكي، الذي أكد أنه لا يتوقع عودة الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى مستويات مرتفعة بعد تهدئة النزاعات التجارية بين البلدين، مما يعكس تحولاً واضحاً في توجهات المستثمرين الذين كانوا يعتمدون على الذهب كملاذ آمن في الأزمات التجارية.

كما أشارت بيانات صادرة عن وزارة العمل الأمريكية إلى ارتفاع طفيف في مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.2% خلال شهر أبريل، مقارنة بتوقعات المحللين التي كانت تشير إلى نسبة 0.3%، وهو ما يعزز توقعات استقرار المؤشر على المدى القريب. البيانات الاقتصادية المترقبة بخصوص أسعار المنتجين ستلعب دوراً كبيراً في تحديد مستويات الطلب على الذهب خلال الفترة المقبلة.

الذهب كملاذ آمن في ظل التضخم

يعتبر الذهب تقليدياً أداة رئيسية للتحوّط ضد التضخم، حيث أنه يتميز بأدائه الجيد عندما تكون الفائدة منخفضة، ولكن مع تحسن المؤشرات الاقتصادية واستقرار معدلات التضخم، انخفض الطلب على الذهب كملاذ آمن. هذه الديناميكية ظهرت بشكل واضح بعد إعلان وزارة العمل الأمريكية عن بيانات التضخم، مما أدى إلى تذبذب سعر الذهب بشكل طفيف ولكن في اتجاه هبوطي بشكل عام، مع استمرار الارتباط بين الطلب على الذهب وعائدات السندات الأمريكية.

أما بالنسبة للمعادن الأخرى، فقد شهدت حركة متباينة حيث انخفضت أسعار الفضة بنسبة 0.3% لتسجل 32.80 دولاراً للأونصة، في حين هبط البلاتين بنسبة 0.1% ليبقى عند مستوى 987.55 دولاراً للأونصة، فيما تراجع البلاديوم بنسبة 0.8% ليصل إلى 949.26 دولاراً، مما يظهر أن التغيرات في الأسواق العالمية لا تنحصر في الذهب فقط، لكنها تشمل المعادن النفيسة الأخرى أيضاً، في ظل ظروف اقتصادية متغيرة.

تأثير السياسة النقدية على أسعار الذهب

تظل السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي عنصراً جوهرياً يؤثر على أسعار الذهب، حيث ينتظر المستثمرون بفارغ الصبر أي قرارات تتعلق بمعدلات الفائدة. كلما انخفضت معدلات الفائدة، تعزز ذلك الطلب على الذهب نظراً لأنه لا يقدم عائداً ثابتاً مثل الأصول الأخرى، ولكنه يحتفظ بثبات قيمته على المدى الطويل، لا سيما في ظل التضخم، مما يجعله خياراً مفضلاً لدى المستثمرين في تلك الظروف. ومع ذلك، فإن تحسن الوضع التجاري بين الولايات المتحدة والصين ألقى بظلاله على توقعات استثمار الذهب، حيث تحول الاهتمام إلى استثمارات أكثر مخاطرة ولكنها ذات عوائد مرتفعة.

في النهاية، تبقى أسعار الذهب والمتغيرات المرتبطة بها مؤشراً رئيسياً على حالة الأسواق العالمية، حيث تعكس مدى التوترات الاقتصادية والسياسية، مما يجعلها عنصراً مهماً في تحديد قرارات المستثمرين حول العالم.