«سعر الذهب» يتألق من جديد.. هل يظل المعدن النفيس ملاذاً آمناً؟

يشهد الذهب اليوم طفرة لافتة أثارت اهتمام المستثمرين حول العالم، حيث ارتفعت قيمته خلال العام الماضي بنسبة تجاوزت 40%، ليصل سعر الأونصة إلى مستويات قياسية تخطت 3500 دولار في أبريل الماضي، مدفوعًا بتغيرات اقتصادية وسياسية غير متوقعة، لا سيما في ظل سياسات تجارية أمريكية حديثة أُدخلت في عهد إدارة ترامب والتي أثرت بشكل كبير على الأسواق المالية.

هل لا يزال الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين؟

يواصل الذهب ترسيخ مكانته كملاذ آمن بين المستثمرين، إذ يلجأ إليه البعض للتحوط ضد الأزمات الجيوسياسية والتضخم المتزايد، مما يزيد من جاذبيته، وفقًا لتحليل لويز ستريت من مجلس الذهب العالمي، فإن التركيز على الآفاق الاقتصادية الضعيفة يعزز الطلب على المعادن الثمينة، وقد أكد صندوق النقد الدولي توقعاته بخطر الركود العالمي مما دعم هذا الاتجاه، ومع ذلك، تبقى أسعار الذهب عُرضة لتقلبات حادة، وهو ما يمثل مخاطر كبيرة لبعض المستثمرين، فعلى الرغم من الاستقرار النسبي الذي يوفره الذهب تاريخيًا، إلا أن الارتفاعات الكبيرة قد يعقبها انخفاضات مؤثرة.

ما هي الدوافع الرئيسية وراء ارتفاع أسعار الذهب؟

تعتمد جاذبية الذهب كأصل استثماري على ندرته النسبية، حيث تشير بيانات مجلس الذهب العالمي إلى أن إجمالي الذهب المستخرج عالميًا منذ بداية التاريخ يُقدر بنحو 216,265 طنًا فقط مع زيادة متواضعة بنحو 3,500 طن سنويًا، ما يجعل منه موردًا ذا قيمة معتبرة، تشير التعليقات من خبراء الاستثمار مثل روس مولد أن الذهب، بخلاف العملات الورقية، لا يمكن إنتاجه أو طباعته، لذا فإنه يحتفظ بجاذبيته العالية في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسات النقدية المتساهلة، مثل خفض الفائدة وزيادة السيولة النقدية، كما أن الطلب المتزايد من صناديق الاستثمار المتداولة التي تحتفظ بأصول الذهب ساهم في تعزيز السعر عالميًا، مستفيدًا من اهتمام المستثمرين المؤسسيين على وجه الخصوص.

هل أسعار الذهب قابلة للاستمرار في النمو؟

على الرغم من الارتفاع الحالي في أسعار الذهب، إلا أن عديدًا من المحللين يحذرون من احتمالية تراجعها مستقبليًا نتيجة التقلبات الاقتصادية، حيث يعتمد استمرار النمو على مدى استقرار الأسواق العالمية والسياسات النقدية للدول الكبرى، يمكن أن يساهم تصاعد الأزمات الاقتصادية أو ارتفاع التضخم في زيادة الطلب على الذهب، لكنه يظل معرضًا لمتغيرات عديدة، ويعتبر الذهب مؤشّرًا حيويًا للصحة الاقتصادية العالمية، لذا فإن الحفاظ على توجهات نموه يتطلب مراقبة دقيقة للتطورات السياسية والاقتصادية التي قد تمثل رياحًا معاكسة أو داعمة لمساره.

في النهاية، يظل الذهب الخيار المفضل للكثير من المستثمرين الباحثين عن الأمان وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي، إلا أنه يحتاج إلى تحليل عميق قبل اتخاذ قرارات استثمارية، ما يبرز أهمية التوازن بين المخاطرة وحماية الثروات.