«مقترح جديد» لتنظيم العلاقة بين الحكومة ومستشفى المؤسس يدخل حيز النقاش

تعد العلاقة بين المستشفيات الجامعية والجهات الحكومية من القضايا الشائكة التي تستوجب معالجة عميقة لتحقيق التوازن بين الجانب الأكاديمي والتشغيلي لهذه المؤسسات، خاصة في الحالات التي يظهر فيها تفاوت إداري يؤثر على الكفاءة والجودة مثل مستشفى الملك المؤسس، الذي يواجه صعوبات جمة نتيجة الفجوة الإدارية بينه وبين جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، مما يتطلب حلولًا مبتكرة لضمان استمرارية خدماته الحيوية.

أسباب الأزمة في مستشفى الملك المؤسس وتأثيرها على الخدمات الطبية

يمر مستشفى الملك المؤسس حاليًا بضائقة مالية خانقة أضعفت كفاءة تشغيله وألقت بظلالها على الخدمات المقدَّمة للمرضى، وتعود جذور هذه الأزمة إلى تراجع الإيرادات المحلية والإقليمية، إضافة إلى انسحاب بعض الشركات الموردة للمستلزمات الطبية، مما عطل عمليات التطوير والتوسع الضرورية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار الجهود المبذولة من قبل الحكومة لتحقيق نوع من الاستقرار المالي للمستشفى عبر تأمين مستحقات الموظفين. هذه الأزمة لم تقف عند حد تأثيرها السلبي على الموظفين والكوادر الطبية، وإنما أدت إلى محدودية الخدمة الطبية للآلاف من سكان الشمال الأردني الذين يعتمدون على هذا المستشفى لتلبية احتياجاتهم العلاجية المتقدمة؛ فلا يزال الوضع يتطلب حلولًا جذرية وإستراتيجية تطابق التحديات الراهنة.

خطوة الاستحواذ الحكومي على المستشفى كحل استراتيجي

في خضم هذه التحديات، تظهر فكرة استحواذ وزارة الصحة على مستشفى الملك المؤسس كخيار استراتيجي يحمل إمكانيات عديدة لمعالجة الوضع القائم؛ إذ يمكن عبر تحويل المستشفى إلى مؤسسة حكومية تسوية الديون المالية المستحقة عليه، وضمان استغلال موارده البشرية والبنية التحتية بطريقة مثلى. كما يمكن المحافظة على التعاون مع جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية من خلال تعديلات مرنة للاتفاقيات، مما يتيح استمرار التدريب الطبي والبحث العلمي المشترك. تسهم هذه الآلية في تقليص الحاجة إلى إنشاء مستشفيات جديدة في شمال الأردن، مع التركيز على تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين وضمان استمراريتها بصورة شاملة ومستدامة، والتي تعتبر جوهر أي منظومة صحية ناجحة.

التأثير الوطني للاستحواذ على مستقبل الأمن الصحي

تحمل فكرة الاستحواذ من قبل الحكومة العديد من الفوائد الوطنية الكبيرة التي لا يمكن إغفالها، فهي ليست مجرد حلول مؤقتة بل خطة إستراتيجية تعزز من المرونة والكفاءة في الخدمات الطبية العامة. إذ يمكن للوزارة التخطيط لتوظيف الكوادر الطبية القائمة وبالتالي تجنب تكاليف التعيينات الإضافية، مما يفتح المجال لتحقيق أقصى استفادة من الإمكانيات البشرية المتاحة. علاوة على ذلك، يمكن تنظيم اتفاقيات اقتصادية مع الجامعة تضمن توافر خدمات من الأطباء الجامعيين الاستشاريين، ما يحقق الجودة والإتقان في العمليات العلاجية، ويتماشى هذا الحل مع الأهداف الوطنية لتوفير منظومة صحية قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. لذا يعد التعاون بين وزارة الصحة والمؤسسات الأكاديمية ضرورة ملحّة لبناء مستقبل صحي مستدام ينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين كافة.