المشاط: التحديات العالمية تتطلب رؤى مرنة واستباقية لمواجهة المتغيرات وتعزيز التكيف

شهد العالم في السنوات الأخيرة تحولات واسعة النطاق في جميع القطاعات السياسية والاقتصادية والبيئية، مما جعل المحافل الدولية فرصة هامة لمناقشة طرق مواجهة هذه التحديات العالمية. وضمن هذا السياق، شاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الدكتورة رانيا المشاط، في منتدى سانت جالن السنوي الذي يُعد منصة بارزة لتبادل الخبرات والرؤى التنموية بين قادة العالم ورواد الأعمال وصناع القرار.

التحديات العالمية تفرض رؤى مرنة واستباقية

أوضحت الدكتورة رانيا المشاط خلال كلمتها أهمية تبني الحكومات سياسات مرنة ومستدامة لمواجهة المتغيرات العالمية المتسارعة، حيث يشهد العالم تغييرات جذرية في التوازنات الدولية تؤثر في الاقتصاد العالمي، علاوة على تسارع تطور التكنولوجيا وتفاقم القضايا البيئية والمناخية، مما يفرض التعاون بين الحكومات والمؤسسات لتنفيذ استراتيجيات شاملة تهدف إلى تعزيز التكيف مع هذه التحديات وتحقيق التنمية المستدامة.

أكدت المشاط أن تغيّر أنماط التعاون الاقتصادي والسياسي بين الأسواق الناشئة والقوى التقليدية يعزز من أهمية إعادة النظر في السياسات التنموية، فقد حرصت مصر على مواكبة تلك المستجدات من خلال الانخراط في مبادرات دولية واستراتيجية لتعزيز موقعها كمحور عالمي، حيث تبنّت الدولة رؤى إصلاحية لاستقطاب المزيد من الاستثمارات، بالتركيز على الابتكار والشمول لتحقيق التنمية المتوازنة.

مصر نموذج ريادي في الأداء الاقتصادي والتنموي

حققت مصر قفزات نوعية على مستوى الأداء الاقتصادي في السنوات الأخيرة بفضل إصلاحاتها الهيكلية والرؤى المتجددة التي تنتهجها، حيث كشف تقرير الربع الثاني من العام المالي 2024/2025 عن ارتفاع غير مسبوق في معدلات النمو المحلي الإجمالي لتصل إلى 4.3%. وقد ارتكز هذا النمو على قطاعات حيوية مثل الصناعات التحويلية غير النفطية، وقطاعات السياحة، والطاقة، والنقل وتكنولوجيا المعلومات، وهي دلالات واضحة على نجاح السياسات التنموية للدولة.

علاوة على ذلك، أكدت وزيرة التخطيط أن الحكومة المصرية حرصت على تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية من خلال إصلاحات وإجراءات تشريعية تعزز مناخ الاستثمار. حيث ارتفعت الاستثمارات الخاصة بشكل ملحوظ، مقابل تراجع الاعتماد على الاستثمارات الحكومية، مما يعزز الاستدامة المالية والاقتصادية على المدى الطويل.

التعاون الإقليمي والدولي مفتاح النجاح

حرصت مصر على تحقيق تكامل إقليمي ودولي من خلال استراتيجيات تمويل متكاملة ومشاركات فعّالة، منها إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص إلى 65% بحلول عام 2025، بالإضافة إلى التعاون مع الشركاء الدوليين لتعبئة الموارد المالية الميسّرة. كما أشارت المشاط إلى أن انضمام مصر إلى تجمع بريكس+ يعزز مكانتها على الساحة الدولية، إذ يتيح هذا التحالف فرصة الدخول في شراكات استراتيجية تدعم القطاعات التنموية وتساهم في تحقيق الاستقرار المالي.

عززت الدولة أيضًا استثماراتها في البنية التحتية والطاقة المتجددة، حيث أدت هذه الإصلاحات إلى جذب تمويلات دولية تفوق 12 مليار دولار مخصصة للمبادرات الخضراء والتحول الرقمي، مما يرسخ دور مصر كمحور استراتيجي للتنمية الشاملة.

في ختام حديثها، أكدت المشاط دور مصر المحوري في تعزيز التعاون الدولي والحفاظ على مسيرتها التنموية رغم التحديات، مبينة أن توجه الدولة نحو برامج إصلاحية شاملة يعزز قدرتها على تحويل التحديات إلى فرص، مما يساهم بقوة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني والإقليمي.