«ركام غزة» يتحول إلى أغنية.. صوت يخلد مأساة وصمود الفلسطينيين

بصوت يحمل وجع الأرض المحتلة وغصّة النكبة، أبكى الطفل الفلسطيني حسن عياد ملايين القلوب عندما أنشد كلمات تصل أعماق المأساة المتجدّدة في غزة المحاصرة، حسن ابن الثالثة عشرة لم يمتلك سوى صوته كوسيلة ليكون شاهدًا على الظلم وعدوان الاحتلال الإسرائيلي، وكانت كلماته وصيته الأخيرة قبل أن يسكت بصمت تحت أنقاض القصف على وطنه المكلوم.

أنشودة “اشهد يا عالم” توثيق فني للمقاومة الفلسطينية

اختار حسن عياد أن يعبر عن مشاعره بإنشاد أنشودة “اشهد يا عالم” التي كتبها الشاعر أحمد دحبور في الثمانينات، ومن اللحظة الأولى لظهور حسن في مقطع الفيديو وهو يهتف وسط الدمار، بات صوته رمزًا جديدًا للنضال، هذا الصوت جاء ليحتضن ذاكرة اللاجئين، ويسلط الضوء على مشهد غزة التي تواجه الإبادة والقمع كل يوم، حيث كان صوته ينادي بوضوح على فجائع المستشفيات المدمرة والجيوش التي لا تفرّق بين طفل وشجرة.

غزة وبيروت.. معاناة واحدة وتاريخ يعيد نفسه

لم تكن كلمات أنشودة “اشهد يا عالم” سوى امتداد للسياق الفلسطيني الممتد منذ نكبة 1948 وحتى اليوم، إذ أثبت حسن عياد أن القضية الفلسطينية ليست حدثًا عابرًا، بل هي تجسيد لمعاناة أمة بأكملها، تلك الكلمات التي استلهمت أصلاً من حصار بيروت عام 1982 عادت بلسان حسن لتروي قصة حصار غزة، ولتكشف عن حقيقة الاحتلال الذي ينقل آلام الفلسطينيين من جيل إلى آخر، ليصبح حسن امتدادًا لصوت الفن المقاوم بأسلوبه العفوي وسلامة رسالته.

فنّ المقاومة.. إشعال الروح في ظل الحصار

ما فعله حسن من خلال صوته لم يكن مجرد أداء عاطفي، بل كان رسالة تشير إلى أن المقاومة يمكن أن تكون بأبسط الأدوات الممكنة، الفن المقاوم ليس ترفًا، بل هو وسيلة ثقافية لتوثيق معاناة شعب يحمل الصوت والبندقية والقلم، واستشهاد حسن لم يمحُ صوته، بل جعله حيًا كشاهد، حيث يُنقل للأجيال القادمة، يروي بصوته حكايات أطفال غزة الذين دفنوا أحلامهم تحت الركام بينما ينادي العالم بالصمت والإدانة الباهتة.

حسن عياد لم يكن طفلًا عاديًا، بل هو مرآة عكست مأساة شعب بأكمله، وصوته الباكي الذي نقل “اشهد يا عالم” هو دليل حي على أن الفن يخلّد الأرواح ويورث المقاومة، من بيروت إلى غزة، ومن كلمات أحمد دحبور إلى أصوات أطفال فلسطين، يستمر نضالهم الممتد إلى ما لا نهاية، ليبقى حسن بطلًا صغيرًا في تاريخ النكبة المستمر.