«الدوافع الخفية» وراء قرارات ترامب الجمركية.. ندوة تكشف التفاصيل المثيرة

دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الأسبق، اتخذ قرارات حاسمة ومثيرة للجدل بشأن فرض الرسوم الجمركية على العديد من الدول عالميًا، وهي خطوات أثارت جدلًا واسعًا بين الخبراء الاقتصاديين والسياسيين حول العالم، إذ يرى البعض أن هذه الإجراءات كانت تهدف إلى تقليص العجز التجاري والمالي، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الولايات المتحدة بسبب ديون كبيرة تقدر بـ800 مليار دولار مستحقة عليها، بينما يفسر آخرون هذه القرارات بأسباب استراتيجية ومخاوف تتعلق بالتقدم الصيني والسيطرة التكنولوجية العالمية.

الأسباب الاقتصادية خلف قرارات ترامب الجمركية

خلال ندوة نظّمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أوضح الخبير الاقتصادي طاهر حلمي أن الولايات المتحدة تواجه تحديات اقتصادية كبيرة دفعت ترامب لاتخاذ إجراءات حمائية سريعة عبر زيادة الرسوم الجمركية على الواردات، وذلك بهدف تقليل الاعتماد على المنتجات الأجنبية وتخفيف الضغوط المالية، إذ يسعى من خلال ذلك إلى تخفيف العجز التجاري وتعزيز الاقتصاد الداخلي، وكان هذا التوجه مدعومًا بفلسفة ترامب التي لم تتغير منذ أكثر من ثلاثين عامًا، والتي ترتكز على مبدأ الاعتماد على الذات وتقليص التدخلات الخارجية المالية.

من جهة أخرى، أشار المحلل المالي عمر الشنيطي إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لضغوط رجال التكنولوجيا الأمريكيين، الذين شعروا أن السيطرة الأمريكية على هذا القطاع باتت مهددة نتيجة للتقدم التكنولوجي الصيني وتصاعد قوة شركاتها مثل “هواوي” ومنصات كـ”وي شات”، حيث تمثل المنافسة الصينية تهديدًا مباشرًا لصادرات التكنولوجيا الأمريكية التي تحتل مكانة رئيسية في الاقتصاد الوطني.

التحديات الدولية لسياسات ترامب الجمركية

سياسات ترامب أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط الدولية، حيث عبّر العديد من دول العالم، من بينها الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وعددها 166 دولة، عن قلقها تجاه هذه السياسات الحمائية التي قد تؤدي إلى انكماش التجارة الدولية، كما أصدرت أكثر من 40 دولة بيانًا خلال الذكرى الثلاثين لتأسيس المنظمة تدعو فيه للحفاظ على النظام التجاري الدولي، والتعجيل بالإصلاحات المتأخرة منذ أكثر من عقد من الزمن، وأضاف المحلل عبد الحميد ممدوح أن الاتحاد الأوروبي أيضًا أكد دعمه للنظام التجاري المتعدد الأطراف بصفته أحد الآليات الأساسية لتنظيم التجارة وحماية الدول الأقل تطورًا من الهيمنة الاقتصادية للدول الكبرى.

كيف يمكن لمصر الاستفادة من النظام التجاري العالمي؟

وفقًا لمداخلات الخبراء في الندوة، فإن مصر بحاجة إلى توسيع جهودها لدعم النظام التجاري المتعدد الأطراف، حيث يمكن لهذا النظام تقديم فوائد هائلة للدول النامية من خلال ضمان بيئة تجارية عادلة تمنح فرصًا متساوية للوصول إلى الأسواق العالمية، كما دعا الخبراء صناع القرار في مصر إلى إقامة تحالفات دولية لدعم إصلاحات منظمة التجارة العالمية، والاستفادة من هذه الإصلاحات لدعم الصادرات وزيادة القدرة التنافسية.

في الختام، يرى خبراء الاقتصاد أن سياسات ترامب الجمركية قد تبدو مستندة إلى رؤى آنية ومصلحية لتحقيق مكاسب محدودة على المدى القصير، إلا أن تأثيراتها الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل قد تكون أكبر بكثير وتشكل تحديات خطيرة ليس فقط على الاقتصاد الأمريكي، بل على النظام التجاري العالمي برمته، مما يتطلب استجابة دولية متوازنة وفعّالة.