«وطن لا يموت» و«ذاكرة لا تُسجن».. قصة تاريخية تأبى النسيان

في قلب الأزمة اليمنية، تبرز قصص كثيرة تعكس مدى تأثير الميليشيا الحوثية على المجتمع اليمني، ومن بين تلك القصص يأتي اعتقال الفنان اليمني خليل فرحان كرمز للقمع المتصاعد ضد حرية التعبير في البلاد، حيث تم اعتقاله لا لشيء سوى عزفه للنشيد الوطني في حفل زفاف بمحافظة ذمار شمالي اليمن، لتثبت الميليشيا مرة أخرى عداءها الواضح للفن كجزء من الهوية الوطنية.

تأثير اعتقال الفنان خليل فرحان على الهوية الوطنية

إن اعتقال الفنان خليل فرحان يعكس القلق العميق الذي تشعر به الميليشيا الحوثية تجاه كل ما يرمز للجمهورية اليمنية، حيث يُعامل كل صوت حر وكأنه تهديد محتمل، ولأن الأغنية الوطنية التي قدمها خليل تحمل في طياتها رسائل واضحة عن هوية اليمن ونضاله من أجل الحرية، فقد عطلت هذه الميليشيات كل مساحات الإبداع التي قد تحيي ذاكرة الشعب وتشكّله، وتسعى لجعل صوت الآلات الموسيقية مجرد أداة تضخيم لصوتهم فقط، وهو ما يجعلهم يعادون الفن والثقافة التي تعكس الحقيقة ووجع الناس.

العداء العميق بين الميليشيا الحوثية والفن اليمني

الأمر أبعد من مجرد معاقبة فرد على أغنية، إذ ترتبط هذه الممارسات بمحاولة طمس الهوية اليمنية واستبدالها بمشروع طائفي ضيق، فالميليشيا لا تحتمل حتى الأوتار التي تعبر عن حب الوطن، وتعتبرها سلاحًا فعّالًا يبث الأمل في النفوس، وهذا يعكس خوفها المستمر من الفن باعتباره أداة لتوحيد الصفوف، والمتأمل في سلوكيات الميليشيا يدرك كيف أنها قد استهدفت المثقفين والفنانين والصحفيين في محاولات متكررة لإسكات أي صوت يعارض توجهاتها.

رسالة الفن اليمني في وجه القمع الطائفي

رغم كل ممارسات القمع التي تفرضها الميليشيا الحوثية على الشعب اليمني، إلا أن الفن يبقى صوتًا عاليًا وتعبيرًا عن أحلام المحرومة أصواتهم، إن قصة الفنان خليل فرحان تذكرنا بقوة الفن كوسيلة لمواجهة التعسف وإحياء الروح الوطنية، ورغم أن اعتقاله يمثل جريمة أخرى تضاف إلى سجل الانتهاكات الواسع، إلا أن رسالته قد وصلت بالفعل إلى كل بيت يمني، حيث يستمر النشيد الوطني في العزف داخل القلوب، ويظل الفن اليمني شاهدًا على صراع لا ينتهي بين حرية الإبداع والقمع الطائفي.