«مفاجأة كبرى» هل يشهد الذهب انعكاسًا في مساره؟ مؤشرات ترسم مصير المعدن النفيس

شهدت أسعار الذهب تغيرات ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، حيث تراجع المعدن النفيس بعد تسجيله مستويات قياسية في أبريل الماضي. يعود ذلك إلى عدة عوامل اقتصادية وأسواق المال العالمية، إذ تحول المستثمرون إلى الأصول الأكثر مخاطرة في ظل انحسار التوترات التجارية وتحسن بيانات التوظيف الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض الطلب على الذهب كملاذ آمن وفقًا لتقديرات الخبراء.

تراجع أسعار الذهب: قراءة في الأرقام

سجل الذهب انخفاضًا حادًا مؤخرًا، حيث وصلت الأسعار الفورية إلى أدنى مستوى لها عند 3211.53 دولارًا للأوقية في يوم الخميس، قبل أن تُسجل ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.5% يوم الجمعة لتبلغ 3255.01 دولارًا للأوقية. ورغم هذا الصعود المحدود، فإن الذهب فقد أكثر من 2.1% من قيمته خلال الأسبوع، عقب وصوله إلى ذروته التاريخية التي بلغت 3500 دولار للأوقية في 22 أبريل. من جهة أخرى، شهدت العقود الآجلة للذهب الأمريكي زيادة بنسبة 1.3% بعد تراجعات متتالية، ما يعكس حالة من الإقبال المحدود نتيجة التغيرات في توجهات السوق.

لماذا تراجعت أسعار الذهب؟

انخفاض أسعار الذهب الأخير يُعزى إلى تغيرات كبيرة في معنويات الأسواق المالية. تصريحات الرئيس الأمريكي السابقة بشأن اتفاقيات تجارية محتملة مع الصين والهند وكوريا الجنوبية ساهمت في تعزيز شهية المخاطرة. كما أن الشائعات حول مراجعة الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات الصينية قد دفعت المستثمرين إلى التخلص من الذهب والاتجاه نحو الأسهم والأصول ذات المخاطرة الأعلى. علاوة على ذلك، عطلة عيد العمال في الصين (من 1 إلى 5 مايو)، التي تُعتبر فيها الصين أكبر مستهلك للذهب، ساهمت في ضعف الطلب على المعدن النفيس خلال فترة حساسة للأسواق.

العوامل طويلة الأمد: هل الذهب لا يزال قوياً؟

رغم التراجعات الأخيرة، يرى المحللون أن الذهب لا يزال يمتلك دعمًا كبيرًا على المدى الطويل. التوترات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، إلى جانب مخاوف التضخم، تعد من أبرز العوامل التي تحافظ على مكانة الذهب كملاذ آمن. أكد تقرير الوظائف الأمريكي الأخير على متانة سوق العمل، حيث تم إضافة 177 ألف وظيفة في أبريل، متجاوزًا توقعات المحللين. هذا الأداء القوي دفع المستثمرين إلى خفض توقعاتهم بحدوث تخفيض وشيك في أسعار الفائدة، مما قلل الإقبال على الذهب في المدى القريب. ومع ذلك، لا تزال العوامل الهيكلية، مثل التضخم وضعف بعض الأسواق الناشئة، تدعم المعدن في المستقبل.

في الختام، يُتوقع أن يستمر الذهب كأحد الأصول الهامة في ظل حالة عدم اليقين العالمية، حيث إن أي تطورات اقتصادية أو اختلالات جيوسياسية قد تبرز أهميته من جديد. يظل الذهب مرآةً تعكس التقلبات الاقتصادية والمالية التي تمر بها الأسواق حول العالم؛ لهذا فإن المستثمرين يراقبون عن كثب كل ما يتعلق بالتوجهات النقدية المرتقبة وأخبار الأسواق الناشئة.