«تراجع ملحوظ».. هل يفقد الذهب قيمته مع تطورات المحادثات التجارية؟

يشهد سوق الذهب تحركات متباينة خلال الآونة الأخيرة، حيث سجل تراجعًا أسبوعيًا يعد الأول هذا العام بسبب التطورات الاقتصادية العالمية التي أثرت على جاذبية المعدن النفيس كملاذ آمن. يأتي ذلك بالتزامن مع ازدهار أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى، مما زاد شهية المخاطر لدى المستثمرين، إلى جانب تخفيض التوقعات المتعلقة بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال السنوات المقبلة.

أسباب تراجع سعر الذهب وأثر السياسة النقدية

تراجع الذهب بشكل ملحوظ نتيجة لبيانات اقتصادية أشارت إلى انكماش بسيط في النشاط الصناعي الأمريكي خلال شهر أبريل، حيث انخفض سعر الذهب الفوري إلى نحو 3242.97 دولار للأونصة، مسجلاً خسارة أسبوعية بنسبة تجاوزت 2.3%. تعكس هذه التحركات قناعة الأسواق بتأجيل أي تخفيف للسياسة النقدية حتى عام 2025، مما أدى إلى تقليل جذابية الذهب كملاذ آمن خلال هذه المرحلة. إضافة إلى ذلك، فإن تحسن معنويات السوق بدعم أرباح شركات التكنولوجيا العملاقة ساهم في تحويل تدفقات الاستثمار نحو أصول أكثر خطورة.

الفيدرالي الأمريكي يقلص من توقعات خفض أسعار الفائدة؛ مما ينعكس سلبًا على الطلب على الذهب. كما يأتي ذلك في إطار ديناميات الاقتصاد العالمي المتغيرة، حيث يشير المحللون إلى إمكانية تعافي الاقتصاد الأمريكي بشكل أكثر استقرارًا، إذ لا توجد مؤشرات حالية تدعم قرارات تيسير كمي فعالة خلال الفترات المقبلة.

تأثير المفاوضات التجارية الدولية على سعر الذهب

ساهمت المفاوضات التجارية الجارية بين الولايات المتحدة وعدة دول، مثل الهند واليابان، والتي أشار نائب الرئيس الأمريكي إلى قرب انتهائها، في بث التفاؤل بين الأسواق. دفعت هذه التطورات المتسارعة المستثمرين إلى تعزيز استثماراتهم في القطاعات التجارية بدلاً من الذهب. ومع ذلك، لا تزال تحديات مستقبلية تهدد الحركة المالية العالمية؛ خاصة التوتر الناشئ عن احتمالية ارتفاع الرسوم الجمركية وتأثيرها على قطاع التكنولوجيا، مما أدى إلى عدم استقرار الأسواق بشكل طفيف.

تستمر الاستثمارات في الذهب بالتأثر بتلك المتغيرات، إذ تواجه الضغوط بسبب التحول نحو المفاوضات التجارية والاتفاقات الدولية، التي تخلق بيئة أكثر تفاؤلاً للاستثمارات في أصول أخرى.

مستقبل الذهب والتحولات السوقية

على الرغم من التراجع الأخير، لا يزال الذهب يحافظ على مكاسبه السنوية التي بلغت نحو 25%، مدفوعًا بطلب قوي من الأسواق الصينية والبنوك المركزية التي عززت احتياطياتها من المعدن النفيس. كما لا يزال هناك تفاؤل نسبي بشأن تأثير تقرير الوظائف الأمريكي المرتقب، والذي قد يقدم إشارات مهمة حول أوضاع الاقتصاد الأمريكي وتوجهات الاحتياطي الفيدرالي المستقبلية.

من جهة أخرى، استقرت أسعار الفضة والبلاتين مع تسجيل البلاديوم مكاسب طفيفة، مما يعكس توازنًا نسبيًا في الطلب على المعادن النفيسة. يبقى الذهب في مرمى الأنظار بالرغم من التحديات الآنية، حيث يتوقع المراقبون أن يحافظ المعدن النفيس على مكانته كأحد الأصول الأساسية للاحتياطي النقدي العالمي وسط التقلبات الاقتصادية المستمرة.