مصرف لبنان يضيق الخناق على الكاش: تراجع السيولة يثير قلق الأسواق أبريل

تشهد الأسواق اللبنانية هذه الأيام ضغوطًا نقدية متزايدة نتيجة سياسات مصرف لبنان المركزي، حيث يعتمد المصرف ما يسمى بـ”ضغط الكاش”، وهي إجراءات مالية تهدف إلى تقليل كمية السيولة المتاحة في السوق المحلي، سياسة الضغط هذه تأتي كخطوة للحد من التضخم المتصاعد وتحجيم الطلب المرتفع على الدولار الأمريكي، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين.

مصرف لبنان يضغط الكاش: الأسباب والخطوات

يعمل مصرف لبنان المركزي على تنفيذ استراتيجية تهدف إلى تقليص كمية النقد المتداول في الأسواق بشكل مباشر، حيث يتم ذلك من خلال الحد من السحب النقدي من البنوك، إلى جانب تقييد التحويلات المالية وتعزيز الرقابة على شركات الصرافة والمؤسسات المالية، هذه الإجراءات تأتي في ظل انهيار كبير لقيمة الليرة اللبنانية وتفاقم التضخم المالي، الأمر الذي ساهم في ارتفاع أسعار السلع وتقليص القدرة الشرائية للمواطنين، وتهدف هذه السياسات إلى تحقيق قدر من الاستقرار في سعر صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي.

ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه الاقتصاد اللبناني أزمة لم يسبق لها مثيل، حيث سيطرت السوق السوداء على القيمة الفعلية لسعر الصرف، لتشهد تفاوتًا كبيرًا بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق، مما ألقى بالمزيد من الأعباء على كاهل الاقتصاد والمواطنين.

تأثير سياسة ضغط الكاش على الاقتصاد اللبناني

أسفرت الإجراءات المتبعة ضمن سياسة ضغط الكاش عن تقليل حجم الإنفاق المحلي، حيث تراجعت القوة الشرائية والطلب على السلع والخدمات، وأدت هذه الاستراتيجية إلى انكماش تجاري واضح، مما ضغط على الأعمال الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد بشكل كبير على السيولة النقدية، كما أن استمرار تذبذب سعر الصرف وصعوبة الوصول إلى المبالغ النقدية دفع الكثيرين إلى التعامل مع الأسواق السوداء، وهو ما زاد الأمور تعقيدًا، ونتيجة لذلك، أصبح القطاع الاقتصادي أكثر هشاشة، وتحول المشهد التجاري إلى بيئة أكثر صعوبة للمستثمرين والمستهلكين.

كما فرض ضيق السيولة ضغوطًا كبيرة على المواطنين الذين باتوا يواجهون صعوبات في تلبية احتياجاتهم اليومية الأساسية، وقد انعكست الأزمة أيضًا على المعاملات التجارية بين الشركات بشكل سلبي، مما أدى إلى زيادة تكاليف العمليات المالية.

الأبعاد النقدية والاجتماعية لسياسة ضغط الكاش

لا يمكن إغفال البعد النقدي لسياسات مصرف لبنان، حيث يعد الحد من الكتلة النقدية وسيلة للتحكم بالتضخم واستقرار الاقتصاد على المدى القصير، إلا أن لهذه السياسة آثارًا جانبية تشمل زيادة الضغط على الطبقات المتوسطة والفقيرة، وتعقيد حياة المواطنين الذين يعتمدون على التعامل النقدي المباشر، وتسعى هذه الإجراءات أيضًا إلى تشجيع التحول نحو الاقتصاد الرقمي والحد من التعامل بالنقد، لتحقيق شفافية مالية أكبر.

ختامًا، يعكس تطبيق سياسة ضغط الكاش محاولة جادة من مصرف لبنان لضبط السوق المحلي وحماية الاحتياطات الأجنبية، إلا أن النجاح الكامل لهذه الإجراءات يتطلب تدخلات أكثر شمولية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، بما يضمن التوازن بين السيطرة المالية والتأثيرات على الحياة اليومية للمواطنين.